العودة بعد أن تبدأ؟ كيف تتعامل مع الشكوك في عالم ريادة الأعمال.
الخميس، 14 نوفمبر 2024
بمجرد أن تصبح صاحب شركة، هل يمكنك العودة؟
كلنا في مرحلة معينة من حياتنا، نشعر بأننا نريد أن نبدأ مشروعنا الخاص. نشعر بذلك الاندفاع، الحلم الكبير، والطاقة التي تدفعنا إلى أن نخرج للعالم ونخوض التجربة. لكن في منتصف الطريق، مع كل التحديات والمشاكل التي تظهر، قد تجد نفسك تفقد السيطرة على مشروعك، أو حتى تبدأ في الشك فيما إذا كنت قد اتخذت القرار الصحيح. هذا شعور طبيعي، لكن السؤال هنا: متى تقرر الرجوع؟ ومتى تقرر الاستمرار؟
لنكن واقعيين، بدء مشروع ليس نزهة. أنت لست في "مسرحية" حيث كل شيء مرتب حسب النص. الحقيقة أن بناء شركة هو أشبه بلعب لعبة شطرنج كبيرة، تتطلب منك التفكير في كل خطوة والتكيف مع الظروف المتغيرة. وفي بعض الأحيان، يبدو لك أن الخسارة قد تقترب أكثر من المكسب، وأنك قد تكون على وشك العودة إلى نقطة البداية.
لكن هل فعلاً هناك رجوع؟ أو هل فعلاً يجب العودة؟
الخطوة الأولى هي أن تفهم نوعية المشروع الذي دخلت فيه.
هل هو مشروع قابل للتوسع؟ أم أنه مشروع محدود بحجمه وظروفه؟ هذه هي أول نقطة يجب أن تقيّمها. إذا كان مشروعك قابلاً للتوسع، فإن أي صعوبة حالياً هي مجرد مرحلة عابرة. لكن إذا كان مشروعك محدوداً بطبيعته أو بحجمه، فإن القرار الأصعب قد يكون هو تحديد هل هو حقاً في السوق الذي يمكنك النجاح فيه أم لا؟
التوسع ليس بالأمر السهل. كما يُقال في بلاد الشام: "اللي بيحاول يركب حصانين مع بعض، رح يقع." إذا كنت تحاول أن تكون كل شيء في مشروع واحد، من بيع وتسويق وإدارة، فسرعان ما ستشعر بأنك تلاحق ظلك. المشروع القابل للتوسع يتطلب شجاعة لتوظيف الأشخاص المناسبين، وإنشاء أنظمة عمل تُسهل عليك التحرك نحو النمو.
النقطة التالية: التفرقة بين الربح والربح الصافي.
الربح ليس هو نفسه الربح الصافي. أحياناً نعتقد أننا نجني الأرباح فقط لأننا نشاهد بعض الأموال تدخل، لكن الحقيقة هي أن هناك فوارق كثيرة. الربح الصافي هو الذي يبقى بعد أن نخصم كل التكاليف. هذا هو المؤشر الحقيقي لصحة المشروع. فإذا كنت تكسب ولكنك لا تستطيع دفع التكاليف أو التوسع في العمليات، فهذا يشير إلى أن المشروع ربحي بشكل مؤقت، لكنه قد يكون غير مستدام على المدى الطويل.
وهنا يأتي التحدي الأكبر: هل تستمر وتستثمر المزيد لتحقق أرباحًا صافية، أم أنك تبدأ في إغلاق المشروع وتبحث عن فرص أخرى؟
العودة إلى نقطة البداية قد تكون خيارًا. لكن إذا فهمت ماهية مشروعك وميزاته الحقيقية، فستتمكن من اتخاذ القرار الصحيح: هل هو مشروعك المناسب؟ وهل أنت على استعداد للاستمرار؟
في النهاية، القرار ليس دائماً بين الاستمرار أو العودة، أحيانًا يكون قرارك هو التعديل والتغيير. يحتاج المشروع إلى مرونة ومرونة أكبر من أي وقت مضى. عندما تبدأ الشركة، قد تشعر أنك في سباق ماراثوني، لكن سرعان ما تدرك أن السباق ليس فقط ضد الزمن، بل ضد قدرتك على التكيف والابتكار.
إذا كنت قد قررت أن تواصل المسيرة، فهذا يعني أنك على استعداد للتخلي عن بعض الأشياء التي قد تعيقك، وتستثمر في الأنظمة والعمليات التي تساعدك على النمو. أما إذا قررت الرجوع، فلا يعني ذلك الفشل؛ بل ربما هو بداية جديدة في مشروع مختلف أو ربما يكون وقتاً لاكتساب خبرة أكبر قبل العودة إلى الميدان.
خلاصة القول:
المشاريع تتطلب الكثير من الفهم والوعي، بما في ذلك ما هو قابل للتوسع، وما هو الربح الصافي، وكيفية قياس القوة الحقيقية للمشروع. النجاح لا يتطلب دائماً الاستمرار على نفس الطريق، بل يتطلب التفكير العميق، المرونة، وفهم متى يكون من الحكمة التعديل أو التوقف.