عندما نتحدث عن النجاح، نجد أنفسنا محاطين بالعديد من النصائح، سواء من الكتب، الفيديوهات، أو حتى البودكاستات. كثيرًا ما أفكر: لماذا، رغم هذا الكم من المحتوى، لا يكون الجميع ناجحًا؟ قد يكون الجواب بسيطًا، لكنه يحمل في طياته عمقًا كبيرًا. دعونا نوضّح.

أغلب الأشخاص يتبعون نصائح "افعل"، ويتجاهلون النصائح التي تركز على "لا تفعل"، وهذا ربما يكون أحد الأسباب. تأمل لماذا لا نجد كتبًا كثيرة تتحدث عن الفشل؟ كتاب يوثق ٩٩ محاولة فاشلة كان يمكن أن يغير طريقة تفكيرنا تمامًا، ويساعدنا في تفادي أخطاء مشابهة. لكن غالبًا لا أحد يرغب في شراء هذا الكتاب، ولا مكتبة قد تبيعه. لماذا؟ لأن الناس يفضلون سماع القصص الناجحة فقط.

جوهر الاستراتيجية في تجنب الأخطاء

في كتاب "The Coaching Habit" يوجد اقتباس رائع: "جوهر الاستراتيجية في معرفة ما لن نفعله". هذا الاقتباس أثّر بشكل عميق في عملي. عندما عملت مع العديد من المشاريع، كنت دائمًا أسأل: "ما هي الأشياء التي لن نقوم بها؟" أو "من الجمهور الذي لا نريد استهدافه؟". هذا النوع من الأسئلة كان يفتح أمامنا بابًا للإبداع، بدلاً من الإجابات المتوقعة على أسئلة مثل "ماذا سنفعل؟"، والتي غالبًا ما تستند إلى أفكار تقليدية.

الاستراتيجية الناجحة تعتمد على عنصر المفاجأة

في كتاب "فن الحرب"، الذي يُعد من أقدم الكتب في الاستراتيجيات، ورد الاقتباس:

"جميع الحروب تعتمد على الخداع... فعندما نكون قادرين على الهجوم، يجب أن نبدو عاجزين؛ وعندما نستخدم قوتنا، يجب أن نظهر وكأننا لا نفعل شيئًا."

حتى النبي ﷺ قال: «الحرب خدعة».

من هنا، يمكننا استنتاج أن أحد العناصر المهمة في الاستراتيجية الناجحة هو عنصر المفاجأة. يجب أن تكون الخطة غير متوقعة، لا سيما إذا كانت المنافسة شديدة.

لماذا لا نسمع نصائح "لا تفعل" بشكل شائع؟

السبب يعود إلى أن هذا النوع من النصائح يعتبر أكثر صعوبة وخطورة. دعني أوضح:

1. الصعوبة: نصيحة "لا تفعل" تترك للشخص مسؤولية تحديد "ماذا يفعل". في زمننا الحالي، يفضل الكثيرون الوصفات الجاهزة؛ لا يرغبون بالتفكير، وإنما يبحثون عن خطوات تنفيذية سريعة ومباشرة.

2. المخاطرة: الكثيرون يخشون المخاطرة. يريدون شيئًا مجربًا وناجحًا، لكن الحقيقة أن أي استراتيجية تعتمد على نقاط قوتك وضعف منافسيك، ولا يوجد ضمان أن تنجح دائمًا. كل الأرباح مرتبطة بالمخاطرة.

الخلاصة: يمكن الجمع بين "افعل" و"لا تفعل"

يمكنك الاستفادة من نصائح "افعل"، وتكييفها مع مشروعك، لكن تذكر دائمًا أن التفكير في "ماذا لا تفعل" قد يكون خطوة حاسمة للنجاح، وقد تجنبك الوقوع في الكثير من الفخاخ.